السؤال:
أنا متزوج من 3 سنوات ولدي طفل عمره سنتين وخلال رمضان الماضي شاهدت بالصدفة مقاطع إباحية في جوال زوجتي ووبختها وأنذرتها وبعد مرور 6 أشهر شاهدت مقاطع كثيرة مخفية في نفس الجهاز وكذلك إباحية وكذلك عند دخول الإنترنت أجد الدخول على المواقع المخلة.. فما العمل التربوي الجيد لكي أجعلها تتلافى هذا الشيء مع أنني لم أقصر معها بشيء... ولكم مني جزيل الشكر.
الجواب:
للأسف أن ارتياد المواقع الإباحية عبر الإنترنت أصبح من أشد أنواع البلاء الذي أصيب به الكثيرون، وبات لا يقتصر على فئة عمرية معينة، أو جنس معين. فقد وقع في شراكه الصغار والكبار، الذكور والإناث، المتزوجين وغير المتزوجين، حتى أصبح كالداء الذي ليس له دواء وسمي لذلك بالإدمان. واستفحل خطره لأنه متاح بصورة دائمة ومجانية دون قيود أو حدود.
وقد أكد الباحثون والأطباء النفسيون أن الاعتياد على هذه المشاهد الإباحية يؤدي إلى حالة من الإدمان أخطر من إدمان المخدرات، وهو يؤدي غالبا إلى اضطرابات نفسية وجسدية كبيرة يصعب التخلص منها أو من أثارها السلبية التي غالبا ما تؤدي إلى انحطاط القيم وتفشي الإجرام وهدم الروابط الأسرية والعلاقات الزوجية الطبيعية. وقد صدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ما تركت بعدي فتنة هي أخطر على الرجال من النساء».
أخي الفاضل...
ابحث عن الأسباب التي تجعل زوجتك تدخل هذه المواقع، لتتمكن من علاجها.
* فقد يكون السبب مجرد فضول لا غير! وهذا ما يحدث في الغالب. حيث يبدأ الشخص في تصفحها بسبب الفضول، ومن ثم تتطور الحالة لتصبح حالة من الإدمان الذي قد يؤدي إلى الوقوع في شرور وتبعات لا حصر لها.
* قد تكون زوجتك لا تتعمد الدخول إلى هذه المواقع ولكنها تدخل عليها عن طريق الصدفة عندما تتصفح النت بطريقة عشوائية أو عن طريق التهجئة الخاطئة فكما تعرف أن كثيرا من هذه المواقع تعتمد على تغيير حرف واحد فقط من كلمة شهيرة لتتمكن من اصطياد الغافلين إليها!! فإن كان الأمر كذلك أكد عليها أن لا تدخل على المواقع التي لا تعرفها أو أن لا تجتهد في كتابة أسمائها، وعليها أن تعتمد على محركات البحث الخاصة لكي لا تتعرض لهذا الأمر.
نبهها أن أغلب هذه المواقع تعرض الكمبيوتر الخاص بك للإصابة بالفيروسات والبرامج التخريبية.
* قد يكون السبب هو الفراغ الذي تشعر به، لذا عليك أن تشغلها وتملا وقتها بما ينفعها ويسعدها في نفس الوقت.
* قد يكون السبب هو رغبتها في الحصول على نوع جديد من المغامرة والمتعة التي يحققها عالم الإنترنت لكثير من رواده.
* قد يكون السبب هم رفاق السوء الذين يبعثون لها الإيميلات الإباحية، وهي بالتالي تدخل هذه المواقع لمجاراتهم ولإرسال بعض المقاطع الجديدة لهم أيضا.
* قد يكون غرضها هو تعلم خبرات جديدة لتتمكن من ممارسة العلاقة الجنسية معك بمهارة وإثارة اكبر!! فإذا كان هذا هو منطقها نبهها أنها تقحم نفسها في مغامرة غير مدروسة أو محسوبة جيدا، وأنها قد تؤدي بها إلى ما لا تحمد عقباه، لأن الشيطان قد يزين لها ما ترى فتجري معادلة أو مقارنة غير عادلة بينك وبين ما تراه وبالتالي تتغير أحاسيسها وعواطفها سلبا تجاهك فتنفر منك، وكذلك أنت يمكن أن تفتتن بما تراه فتنفر منها فهل تقبل هي ذلك؟ وقد وجد فعلا أن نسبة الانحطاط في العلاقات الزوجية والقدرة الجنسية تتدنى بنسبة 32% عند مرتادي هذه المواقع.
* قد يكون دخولها على المواقع الإباحية مرتبط بتقصيرك تجاهها، لذا فهي تتصفح هذه المواقع لإشباع رغباتها الجنسية التي لم تحصل عليها بالطريقة الشرعية، ولإحساسها بالفراغ العاطفي بسبب إهمالك لها. فعليك أن تسأل نفسك بصراحة هل أنت فعلا تشبع رغباتها العاطفية والجنسية كما تريد هي لا كما تريد أنت!! وان كان جوابك بلا عليك أن تعرف أين أوجه الخلل أو التقصير!! وتحاول أن تتلافاها وتعوضها إياها.
لذا، عليك أن تعيد النظر في تقييم حياتك الزوجية بشكل عام وعلاقتك بزوجتك بشكل خاص
أخي..
تأكد أن محاولة إخفاء زوجتك عنك هذا الموضوع، يدل على أنها تدرك أنها تمارس شيء خاطئ أو محظور وهذا جيد ويدل على عدم رغبتها في المجاهرة بالسوء، وخجلها مما تفعل.
فيمكنك في البداية عدم مصارحتها بما تعرفه عنها ومحاولة حل هذه المشكلة بهدوء وصمت وبطرق غير مباشر، فالنصيحة الغير مباشرة قد تكون أفضل في بعض الحالات، كأن تقص لها القصص الواقعية التي لعب النت دورا كبيرا فيها في تدمير حياة الأسر المستقرة والبيوت الآمنة، وستجد حول ذلك قصص كثيرة، ومن ثم يدور النقاش على خطورة النت، خاصة المواقع الإباحية أو الشات شرط أن لا يأخذ الحديث طابع المحاضرة المملة، وعليك الاستشهاد بالقران والأحاديث النبوية إن استطعت.
حاول أن تعزز داخلها روح المراقبة الذاتية... أخبرها بأنك فكرت كثيرا في تصفح هذه المواقع ولكنك كلما عزمت على ذلك تذكرت أن من يتصفح هذه المواقع لا يرتكب إثما عظيما في حق الله فقط، بل في حق نفسه أيضا، لأنه سيلقي بنفسه وبأسرته إلى التهلكة دون أن يدري. لان من يتصفح أو يدمن هذه المواقع ينفر عادة من شريكه سواء الزوج أو الزوجة، لأنه دون أن يدري سيجري مقارنة بين ما يراه وبين ما يجري معه في ارض الواقع، وعادة لا تكون المقارنة في صالح شريكه، لأن معظم تلك الممارسات مبالغ بها.. فهي ليست إلا فخاخ تهدف في المقام الأول إلى الإثارة واجتذاب المرتادين لها لأسباب مختلفة، إما اقتصادية أو لمحاربتنا في ديننا وعقائدنا وعاداتنا.... أو.. أو..
حاول أن تضع جهاز الكمبيوتر في مكان عام في البيت كغرفة المعيشة، على أن تجعل وضعية الشاشة في متناول الأنظار، بحيث لا يتمكن مستخدمه أن يحصل على الخصوصية التي يريدها إذا فكر في تصفح هذه المواقع فيحد ذلك من دخوله فيها ولو بشكل نسبي.
يمكنك أن تقطع خدمة الانترنت عن منزلك. والأفضل من ذلك أن تضع برنامج للحماية من المواقع الإباحية في أجهزة الكمبيوتر التي تستخدمها زوجتك دون أن تخبر احد بذلك. ويمكنك الحصول على هذه البرامج مجانا وتحميلها من النت.
يمكنك تثبيت برنامج فلتر الأمان لمنع وحجب المواقع الإباحية وهو من البرامج التي تمكنك من السيطرة على أجهزة الكمبيوتر والإنترنت والتحكم في التصفح خلال الشبكة بصورة تجعلك مطمئنًا على سلوك زوجتك أو أبنائك ومتابعة نشاطاتهم في استخدام الكمبيوتر ومنع تشغيل واستعراض المواقع الإباحية وحظر مواقع الفيروسات والإعلانات المزعجة، ولا يستطيع أي مستخدم اختراق النظام الأمني للبرنامج وإبطال مفعوله إلا من ثبته، وهو لا يظهر في قائمة البرامج.
يمكنك أن تفتح الكمبيوتر وتترك الصور المخلة أو المواقع الإباحية ظاهرة على الكمبيوتر دون أن تغلقها شرط أن تتأكد أن طفلك لن يراها أو احد لن يراها، لتقع زوجتك في الحرج وتعرف أن أمرها سينكشف يوما ما فتخجل من فعلها وترتدع.
يمكنك أن تعرضها لأحد المواقف التي يمكن أن تتعرض لها مستقبلا لا سمح الله إذا استمرت على ما هي عليه، ليكون درسا لها، كأن ترسل لها رسالة من شريحة جوال جديدة انك من الهكر وانك استطعت اقتحام كمبيوترها ومعرفة من هي وانك استطعت أن تحصل على معلومات عنها وعلى صورها من كمبيوترها الخاص إن كانت تحتفظ بصور في الجهاز، وتهددها لكي تدرك ما قد يحدث لها مستقبلا وتخاف من الفضيحة فترتدع.
* حاول أن تتمالك أعصابك قدر الإمكان أطول فترة ممكنة، وتجنب المواجهة في البداية لكي لا تجعلها تتجرأ وتجاهر بما تفعل عندما يفتضح أمرها. اطلب من الله العون والهداية لك ولها.
* إذا طالت الفترة ولم تجد فائدة من طريقتك هذه عليك أن تواجهها بالأمر على أن تختار الوقت والمكان المناسب.
- عليك أن تجلس وإياها جلسة حوار هادئ هادف لتناقش معها الأمر، دون تجريح أو تعنيف، ناقش معها جميع المعطيات والأسباب التي جعلتها تتصفح هذه المواقع، ناقش معها أهدافها، آمالها، رغباتها وهواياتها، عليك أن تتعرف على كل ما يجلب المتعة لها لتتمكن من إيجاد الحلول والوسائل الممكنة التي ستمكنك من شغل معظم وقتها فيما تحب هي وتريد وبالتالي لا تجد وقتا أو رغبة ملحة لزيارة هذه المواقع.
- ركز أثناء حوارك معها على عباراتها، دعها تعبر عما بداخلها، اترك لها فرصة التعبير عن أسبابها، لا تهمل أو تستحقر أي من هذه الأسباب حاول أن تتفهم نفسيتها وطريقة تفكيرها.
- حاول أن تجد معها الحلول والأساليب الأخرى التي يمكنكما من خلالها الاستمتاع بوقتيكما معا وإيجاد نقاط مشتركة بينكما تجلب لكما السعادة.
- ذكرها أن الاحترام المتبادل بين الزوجين والثقة والالتزام والإخلاص هي من أساسيات العلاقات الزوجية. وإذا تزعزعت احد هذه الأركان ستتأثر العلاقة الزوجية سلبا. اطلب منها أن تضع نفسها في مكانك وتتخيل انك أنت من تتصفح هذه المواقع، اسألها كيف سيكون حالها.!!
هل سترضى أن تفعل ذلك؟ ولو لم يكن ذلك أمام عينها، ألن تشعر بالإهانة أو الخيانة!!
- عليك أن لا تطلب منها ترك تصفح هذه المواقع ثم تتركها تتخبط دون أن تدلها على الطرق الممكنة للتخلص منها، وتعينها بشتى الوسائل على الاستمرار دون تسخط أو تذمر أو تحقير.
- قد تخبرك أنها حاولت مرارا أن تترك هذا الأمر ولكنها لم تستطع، فإذا كانت قد حاولت ذلك بجدية ولم تستطع، لا تعنفها بل أكد لها أن هذه هي الخطوة الأولى للعلاج، وأن عليها الصبر ومجاهدة النفس، والاستمرار، والتوكل على الله مع صدق التوبة، وستصل إلى هدفها بإذن الله.
- عليكما أن تدركا أن علاج هذا الأمر ممكن، ولكنه سيحتاج منكما إلى بذل الوقت والجهد، وكلما بدأ العلاج في وقت مبكر كلما زادت فعاليته وسهل تطبيقه.
- تذكر دوما أن من أهم السبل للعلاج هي تقوية إيمانها وارتباطها بالله عز وجل، والذكر والدعاء.
- عليك أن تبدأ بنفسك أولا، وذلك بان تخلق لها الأعذار التي جعلتها تقع في شباك هذه المواقع، اكتم سرها ولا تفضحها عند أي شخص كان، قريبا كان أو بعيدا، اجعلها تثق بك، عليها أن تثق بحبك لها وارتباطك بها وحرصك عليها.
- حاول أن تتقرب منها أكثر وأكثر، حاول أن تعرف منها ما هي الأشياء التي تعجبها وتثيرها في هذه المواقع، وحاول أن توفره لها إن كان حلالا، وتتجاوب معها ومع رغباتها.
- عليك أن تثق بنفسك وقدراتك وتقنعها بذاتك حتى ينتقل هذا الشعور لزوجتك وتقتنع وتسعد بك كما أنت، لا تنسى أن تواظب على تغذية وتجديد الجانب المعنوي والعاطفي لديها خاصة أثناء الممارسة الجنسية.
- عليك أن تشغل أوقات فراغها بأنشطة ممتعة تحبها هي.
- يمكنك الاتفاق معها بإلغاء اشتراك الإنترنت في الفترة الحالية إلى أن تتمكن من السيطرة على نفسها وشهواتها، فذلك سيسهل عليها عملية الالتزام بالخطة الموضوعة.
- ذكرها بأن الإنسان يخطئ ويذنب، وخير الخطاءين التوابون، وأنها قد تحدث لها انتكاسة وتعود إلى الخطأ مرة أخرى، فإن حدث لها ذلك عليها أن تتوب مرة أخرى، وتراجعا معا خططكما الموضوعة، لتدرسا نقاط الخلل فيها لتتلافاها في المستقبل أو وضع خطة جديدة أكثر فعالية وواقعية.
- تذكر أن المكافأة أمر ضروري، فعليك أن تكافئها كلما نجحت في تطبيق العلاج والتزمت بالخطط الموضوعة شرط أن تكون المكافأة من الأشياء التي تعشقها هي وتحبها أو تتمناها بعمق.
- تذكر دوما أن الله مع الصابرين وأن من توكل على الله فهو حسبه وأن بعد العسير يسرا.
الكاتب: د. سلوى البهكلي.
المصدر: موقع المسلم.